jeudi 24 février 2011

أصول الرّوضيّات عند شُعراء الَمشرِق



من رمال الصحراء إلى حدائق الأندلس الغرّاء





١. أصول الرّوضيّات عند شُعراء الَمشرِق


إنّ تصنيف القصائد، في الشعر العربي، وفقا للأغراض التي تُعالجها، نشاط أدبيّ، قام به النُّقّاد والأُدباء القدماء، منذ العهد الأموي. و من أشهرم ابن قتيبة (7) الّذي يُعتبَر أوّل من وضع بدقّة مقاييس و قواعد هيكل القصيدة العموديّة القديمة التي نشأت في الجاهلية. فعليه أخذنا تقسيم القصيدة إلى ثلاث مراحل: ـ
أ. النسيب الذي يَفتح القصيدة وتُذكَر فيه المعشوقة
ب. الرحيل الذي تُوصَف فيه مَراحل السَّفر
ج. الغرض الذي يختِم القصيدة بالثَّناء على المَمدوح

فِوفقا لهذه النظرية تُعالِج القصيدة القديمة جميع الأغراض ضمن هذه البنية الأساسية الثُّلاثيّة . فيعالج الشاعر في قصيدته عِدّة أغراض منها الحبّ، والسُّكر، ووصف الخيل والمناظر الطبيعية، ومدح القبيلة أوسيِّدها. فلهذاالسبب إختلف النُقّاد العرب القدامى في عدد الأغراض الشعرية التي تدخل في تصنيف القصائد وفقا لموضوعاتها. ـ

فيذكر ثعلب (أبو العباس أحمد ، توفي في 291هـ/ 903 م) في "كتاب قواعد الشعر" سبعة أغراض وهي: المدح والهجاء والمراثي والاعتذار والتشبيب والتشبيه واقتصاص الأخبار. وتَبِع ثعلب قدامة بن جعفر( ت337 هـ) الذي ذكر أن أقسام المعاني ِممّا لانهاية لعدده، واكتفى بإيراد ''الأعلام من أغراض الشعراء وما هم عليه أكثر حوما، وعليه أشدّ روما، وهي: المديح والهجاء والنسيب والمراثي والوصف والتشبيه''. ـ

أمّا ابنُ رشيق القيرواني (ت 456 هـ/1063)ـ فيذكر تسعة أغراض : النسيب، والمديح، والإفتخار، والرثاء، والعتاب، والوعيد، والإنذار، والهجاء والاعتذار (8). وقد يرجع هذا التناقض بين النقّاد إلى انتمائهم الى حقب تاريخية مختلفة. لإنّ الأجناس الأدبية لا تُشَِّكل واقعا ثابتا ومستقرّا بصفة نهائية. فبينما يتطوّر بعضها يختفي البعض الآخر فاسحاً المجال لأنواع حديثة تنشأ نتيجة الشروط الاقتصادية والاجتماعية الجديدة. ـ

لا توجد حاليا دراسة شاملة ودقيقة حول الأغراض في الشعر العربي القديم ، ولكنّنا نعلم ماذا كانت طبيعة الاتجاه في هذا المجال. وتتلخّص هذه الحركة الشعرية في الإنتقال من القصيدة متعدِّدة الأغراض إلىالقصائد التي انفردت بمعالجة غرض فريد فأُلقِي عليها إسم الموضوع الأساسي الذي يعالحه الشاعر فيها. ـ

فمثلا قبل أن يُصبح موضوع الخمر غرضاً مستقلا بذاته، كان يُكوِّن قسماً من أقسام القصيدة القديمة يُدرجه الشاعر فيها بين مواضيع مختلفة كما ذكرنا ذلك سابقاً. ولكنّ بفضل أبي نواس بلغ وصف الخمر وذِكر مجالسه مرحلة النُّضج والإستقلال الكامل. لقد منح هذا الشاعرالعبقري للخمر مكانة عالية "ومعنًى وُجودِيّا الذي لا يمكن اختزاله في مجرّد متعة الشُّرب" على حدّ قول الأستاذ المرحوم جمال الدين بن شيخ. (9) ـ

أمّا بالنسبة للموضوع الذي يهمّنا، لا نزال نَفتقِر إلى تحليل دقيق وشامل للشعر المخصَّص للزهور والحدائق وفصل الربيع. وليس لدينا حتى الآن دراسات تسمح لنا بتحديد أهمية وتوضيح تطوّر هذا النوع الخاصّ من الشعر. ولكن، بفضل العناصرالموجوة لدينا (10)، نعلم أنّ الروضيات عرفت تطوّراً طبيعيّاً خلال مرور المجتمع البدوي محدود الآفاق إلىالحياة الحَضرية ضمن الإمبراطورية الإسلامية شاسعة الأطراف. ـ

لقد ظهر نوع شعريّ مستقلّ انفرد بوصف الزهور والحدائق وكان ذلك في أعقاب الفتوحات والاتِّصال بالحضارة الفارسيّة، والإحتكاك بتقاليدها القديمة الواسعة في هذا المجال. وأُطلِق على هذا النوع الجديد من القصائد، أسماء الروضيّات، و النوريات، والزهريات، و الرَّبِيعِيّات حسب الموضوع السائد فيها. ـ

إنطِلاقاً من عصر الجاهلية قام الشعراء العرب في بلاط الحيرة (11) بإنشاء نوع من الشعر الحَضاري وَصَفوا فيه الزهور والحدائق. ولكن لم يحصل هذا النوع الشعري على استقلاله قبل الفترة الذهبية للعصر العباسي في نهاية القرن الثاني هجري . في البداية إكتفى الشعراء بتقليد القدامى وذكر الزخرفة النباتية في لوحات ومشاهد تدور غالبا داخل الحانات. ولكن لم تلعب الطبيعة دورا واضحا في القصائد الخمرية قبل نشأة أبي نواس. حتى و لو كان أبو الهندي (12) قد سبقه في هذه المهمة يبقى أنّ أبا نواس، هذاالشاعرالاستثنائي، هو المخترع الحقيقي للخمرية، وجَعل منها جنساً شعريّا مُستقِلّاً ضمن الحركة التجديدية التي قادها مع اكفائه مثل ابن المعتزّ وبشّار بن برد. ـ

إنّ وصف الحدائق التي تُقام فيها المآدب أتاحت لأبي نواس فرصة لذكر عدد محدود من الزهور وتوظيفها ضمن عالم اللّهو والسُّكر الذي يتغنّى به دَوماً. أصبحت الزهور والمناظر الطبيعية تكوِّن عاملاً هامّاً في المراكز المدنية والحضرية الجديدة فاستخدمها أبو نواس لإظهار البؤس الذي تتّسم به الحياة البدوية التي يتغنّى بها الشعر القديم. ترك أبو نواس في معظم خمرياته ذكر الاطلال والبكاء عليها ساخراً من الشعراء الذين يؤثروون حياة البدو وبساطتها : ـ

دَعِ الأَطلالَ تَسفيها الجَنوبُ وَتُبلي عَهدَ جِدَّتِها الخُطوبُ
وخَلّ لِراكِبِ الوَجْناءِ أرْضاً تَخُبُّ بها النَّجيبة ُ والنّجيبُ
بلادٌ نَبْتُها عُشَرٌ وطَلْحٌ، وأكثرُ صيْدِها ضَبُعٌ وذيبُ
و لا تأخُذْ عن الأعرابِ لهْواً، ولا عيْشاً فعيشُهُمُ جَديبُ
دَعِ الألبانَ يشْرَبُها رِجالٌ، رقيقُ العيشِ بينهُم غريب
إذا رابَ الْحَلِيبُ فبُلْ عليهِ، و لا تُحرَجْ فما في ذاك حُوبُ
فأطْيَبُ منْه صَافِية ٌ شَمُولٌ، يطوفُ بكأسها ساقٍ أديبُ
(...)
فهذا العيشُ لا خِيمُ البوادي ، و هذا العيشُ لا اللبن الحليبُ
فأيْنَ البدْوُ من إيوان كِسْرَى ، وأيْنَ منَ المَيادينِ الزُّرُوبُ؟

لقد عوّض أبو نواس الوقوف على الأطلال ووصف المناظر الخالية بذكر البيئة التي يتّسم بها العالم الحضاري الجديد. فكلّ شعره يحثّ على السُّكر والتغزّل بالفتيان في جوًّ من الفرحة والسرور(13) : ـ

أما يسُرُّكَ أنَّ الأرضَ زَهْراء و الخمرُ ممكنةٌ، شمْطاءُ عذْراءُ
ما في قعودِكَ عذْرٌ عن مُعَتّقة كاللّيل وَالدُها، وَالأمّ خَضراء ٍ
بادِرْ؛ فإنّ جِنَانَ الكَرْخ مُونقة لمْ تلْتَقِفْها يدٌ للحرْبِ عَسراءُ
فيها من الطيْرِ أصنافٌ مُشَتتَّة ما بينهنّ، وبين النّطْقِ شَحْنـاءُ
إذا تَغَنّينَ لا يُبْقِينَ جانِحَة إلاّ بِهَا طَرَبٌ يُشْفَى بهِ الدّاءُ

وكان أبو َتمّام (م804-م845) أوّل من أدخل تغييراً ملموساً باالتخلّي عن النسيب، في قصيدة من قصائده، وتعويضه بوصف الربيع وازهاره "كانعِكاس ناقص الكمال للممدوح. فنال بذلك نجاحا هائلا ليس فقط بين الشعراء العرب ولكن حتى بين الفرس والأتراك واليهود". (14) ــ
وهذه بعض الأبيات من " ربيعيّته " الشهيرة : ـ

أربيعنا في تسع عشرة حجـــــة حقا لهنك للربيع الأزهــــــــــــــر
ما كانت الأيام تسلب بهجـــــــة لو أن حسن الروض كان يعمــــر
أولا ترى الأشياء إن هي غيرت سمجت وحسن الأرض حين تغيـر
يا صاحبي تقصيا نظريكمــــــــا تريا وجوه الأرض كيف تصــــور
تريا نهارا مشمسا قد شابـــــــه زهــــر الربا فكأنما هو مقمـــــــر
دنيـــــــا معاش للورى حتى إذا جــــــلي الربيع فإنما هي منظـــــر
أضحت تصوع بطونها لظهورها نـــــورا تكاد له القلوب تنـــــــــور
من كل زاهرة ترقرق بالنـــــدى فكأنهــــــا عين عليه تحـــــــــــدر
تبدو ويحجبها الجميم كأنهــــــا عــــذراء تبدو تارة وتخفـــــــــــــر
حتى غدت وهداتها ونجادهــــا فئتين في خلع الربيــــع تبختـــــــر
مصفرة محمرة فكأنها عصـــب تيمن في الوعا وتمضــــــــــــــــــر
من فاقع غض النبات كأنـــــــه در يشقق قبل ثم يزعفــــــــــــــــــر
أو ساطع في حمرة فكأن مــــا يدنو إليه من الهواء معصفــــــــــر

عند ابن الرومي (836م-896م) يكتسي وصف الزهور والحدائق بُعدًا جديدًا "أظهَر فيه الشاعر إحساساً عميقاً وجديداً بالنسبة للطبيعة بالمقارنة مع شعراء زمانه. فأصبحت الطبيعة ، في قصائده ، كائناً حيّاً يشعر بالأفراح والأحزان وبالآمال وخيبات الأمل. وهو ربما أول شاعر عربي قديم تمكّن من إدماج ذاته بذات الطبيعة. فتغنّى بها وتشوّق إليها كما لم يفعله أحد من قبله فأعطى رؤية جديدة لأشياء وُصِفت قبله ألف مرّة" (15) ـ

ويمكن القول أنّ النّورية لم تُصبح فنّاً شعريّاً مستقلّاً إلّا بفضل ابن الرومي. لقد عانى هذا الشاعر في حياته من المشقّات ما جعل وحيه يتّسم بمرارة العيش والحزن العميق. ولكنّ وصفَه للطبيعة يتميّز بالسرور والبهجة. فغالباً ما نراه يجسِّدها ويُشخِّصها ويمنح لها روحاً. وبذلك يجِد فيها ملجئا مُهدِّئا عندما يستولى عليه اليأس في الأوساط الإجتماعية المُعادية الّتي كان يُعاشرها(16). ـ

إنّ الطبيعة عند ابن الرومي أصبحت مرآةً تعكِس ما يحدُث في النفس من المشاعر ومشهداً مُريحاً للرّوح بفضل جمالها ورونقها. وبالتالي يصبح الشِّعر وسيلة للتّفوُّق على المعاناة وآلام الحياة. وهذه قصيدة من قصائده يرسم فيها إبن الرومي لوحة مؤثِّرة للغاية بوصف الشمس وهي تُودِّع النّهار قبل الفناء في جوف ظلمات اللّيل (17) : ـ

وقد رَنّقت شمسُ الأصيل ونفّضت على الأفـق الغربيّ وَرْساً مُزعزعـاَ
وروّعت الدنـيا لتقضـيَ نحـبَـهــــــا وشـوَّل بـاقي عمرِها فتشـعـشـعــا
ولاحظـت النّـوار، وهـي مـريضــــة وقد وضعت خدّاً إلى الأرض أضرعا
كما لاحـظــت عُوّادَه عـينُ مـدنـِف تـوجّـع مـن أوْصـابـه مـا تـوجّعـــا
وظلّت عيونُ النَّور تخضـلُّ بالنّدى كما اغرَورقَت عينُ الشجيِّ لِتدمَعا



أمّا الحديقة في فصل الربيع فتصبح في وصف ابن الرومي صلاةً توجّهها الطبيعة ثناءً للخالق: ـ

ورياض تخايل الارض فيها خيلاء الفتـاة فــي الأبـــــراد
ذات وشي تناسجته سـوار لـبــقــات بـحــوكــه وغــواد
شكـرت نـعمـة الـولي عـلى الوسمي ثم العهاد بعد العهادى
فهي تُثني على السماء ثناء طيب انشر شائعا في البلاد
من نسيم مسراه الارواح مسرى الارواج في الاجساد
حملت شكرها الرياح تؤديه فأدت ما تأديه السن العواد

ولكنّ أكبر وأشهر شاعر في الروضيّات في المنطقة العربية من العالم الإسلامي هو لا شك فيه أبو بكر الصَّنوبري (18) حتى ولو كان قد سبقه ابن الرومي في هذا الفنّ. لقد أعظى هذا الشاعر السُّوري، الذي عاشر البلاط الحمداني وسيف الدوله في حلب، المزيد من الأهمية لوصف المناظر الطبيعية والحدائق بنباتاتها وأزهارها. ويُعتبر الصنوبري المُمثّل الرئيسي و المُبدع لهذا النوع الشعري كما يظهر ذلك في عدد النَّوريّات المتوفِّرة في ديوانه (19). فمن قبله كان يدخل شعرالنوريات ضمن وصف الطبيعة خلال ما يُسمّى بالرحيل في القصيدة القديمة متعددة الأغراض. فهو الذي أعطى، من دون شك، لهذا النوع هويته الحقيقية. ولكن للأسف ضاع الكثير من انتاجه الشعري ولم يصلنا منها إلّا القليل. ولِسوء حظّه عاصر الصنوبري المتنبّي، فأخفى هذا العملاقُ في فنّ النَّظم نورَه ولم تَظهر محاسن إبداعه على حقيقتها إلّا بمرور الزمان. ـ

عالج الصنوبري جميع الأغراض الشعرية ، مثل الغزل، والطرديّات ، والرثاء الخ... ولكنّ الدور الاستثنائي الذي لَعِبه كشاعر الروضيات هو الذي كان سَببَ شُهرته والعامل الأساسي الّذي نجّاه من النِّسيان. ـ

يقتصر ديوانه على أربعين قصيدة تنتمي إلى الربيعيّات والزهريات وحتّى إلى الثلجيّات. وتَغنّى الصنوبري في قصائده بمدن حَلَب والرِّقة و حدائق دمشق، عاصمة الأمويين القديمة، الحافلة بالزهور. ويمكن القول بدون تردُّد أنّ الروضيات أخذت معه بُعدا جديدا لم يُعرف في الشّعر العربي قبله. إنّه أوّل شاعر اشتهر، في الأدب العربي، بحبِّه للطبيعة وبهجتها، وهو الذي عبّر بأسلوب جديد على بهائها. إنّ روضيات الصنوبري ليست بأي حال نوعاً من الزخرفة الشعرية ولكنّها قصائد نًظِمت لِتُلقى على مسامع الجلّاس في أماكن الّلهو الّتي كانت تُقام وسط الطبيعة وخارجَ القصور. إنّه شاعر فريد من نوعه في وصف الزهور والأضواء الخافقة ، ورسم السماء والنور والجوّ كما نراه في بعض الأبيات الرّائعة التي تركها لنا: ـ

إن كان في الصيف ريحان و فاكهة فـالأرض مسـتوقد و الجوّ تـنـور
وإن يكن في الخريف النخل مخترفا فالأرض محسورة و الجوّ مأسور
وإن يكن في الشتاء الغيـث متـصلا فـالأرض عـريانـة و الجوّ مـقرور
مـا الـدهــر إلا الـربـيـع المسـتـنـير إذا أتـى الربيع أتاك النَّوْر و النور
فـالأرض ياقـوتـة و الـجـو لـؤلــؤة و النـبـت فـيروز و الـمـاء بِـلــور
ما يعدم النبت كأسـا من سحـائبـه فالنبت حيـران سكران و مخمـور
فـيـه لـنـا الـورد مـنـضـود مـورده بـين المـجالس و المنـثـور مـنـثـور
هذا البنفسـج، هـذا الياسمـين و ذا النسرين قد قرنا فالحسن مشهور
تظـل تـنـثـر فيه السـحـب لؤلؤهـا فالأرض ضاحكة و الطير مسرور
حيث التـفـت، فـقمـري و فـاخـتـة يغــنـــيـان، وشـفـنـين و زرزور
إذا الـهـزران فيه صـوت فـهـمـــا بحـسـن صوتهما عـود و طمبور
تطيب فيه الصحـارى للمقيم بـهـا كمـا تطـيـب له في غيـره الـدور
من شـمّ طيـب رياحين الربيع يقل لا المسك مسك ولا الكافـور كافـور

ليس لدينا أمثلة عن روضيّات الشعراء الفارسيّين قبل ظهورالصنوبري فلهذا السبب ، يبدو أنّه لَعِبَ دور الُملهِم بالنسبة إليهم فقلّده معظمهم وفي طليعتهم أبو نجم أحمد. هذا الشاعرالمعروف بلقب "رسَّام الطبيعة" هو مؤلف النشيد الشهير الذي تغنّى فيه بفصل الربيع، بمناسبة عيد "نوروز" المهرجان الفارسي. تُشبِه قصيدته روضيات الصنوبري وفي الوقت نفسه يُخيَّل لنا أنّنا أمام زجل من الأزجال الأندلسية الّتي نقدِّمها فيما بعد: ـ

جاء عيد النَّوروز
عند الفجر...عمّ الفرح الحَوز
سحابة سوداء على العُشب المعَطَّر
فصل الشتاء مضى، وُلِد الربيع
وأصبح العالم مهداً للسّلام
الورود تبَهرجَت والسِّياج رتّبت ظفائرها
وعلى أدواح الأشجار
شكّلت الأطيارُ جَوقها
ازدهرالخشخاش المنثور
وقطرات الندى
زّينت الزهور
وحِجاب من المسك
غطّى رؤوسها
وتحجّبت
بقناع من اللؤلؤ
الحمام يعزف على الناي
بينما تَخيط الأشجار كِسوة جديدة
على ضفّتي الجدول
فضاعت روح العُشّاق
وفُقِد الفؤاد
فمزّقنا قلوبنا من شدّة الشجن (20) ـ


سعدان بن باباعلي، بهجة النفوس في بهاء جنّات الأندلس، دار النشر والتوزيع، الجزائر 2010


أ (7) أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة (ت.276 هـ - 889 م) من أشهر أدباء القرن الثالث وصاحب "كتاب الشعر والشعراء".
(8) ابن رشيق المعروف بالقيرواني صاحب "كتاب العمدة في معرفة صناعة الشعر ونقده وعيوبه".
(9) جمال الدين بن شيخ، مقال "الخمريّة" في الموسوعة الإسلامية،الجزء الثالث، ص. 1030-31.
(10) راجع مقال "النوريّة" للأستاذة تيريزا غرولو Teresa Garulo, الموسوعة الإسلامية، الجزء الثامن.
(11) الحيرة هي مدينة تاريخية قديمة تقع في جنوب وسط العراق على مسافة 7 كيلومترات إلى الجنوب الشرقي من مدينتي النجف والكوفة. لم تبدأ فترة ازدهارها إلا مع حكم سلالة المناذرة الذين عمّروها واهتمّوا بها. تعتبر من أهمّ المدن التي جمعت بين الحضارات الثلاث: الفارسية والعربية القديمة والبزنطية. وقد جلبت عددا كبيرا من الشعراء من بينهم عبيد وطرفة والنابغة.
(12) هو عبد الله بن ربعي بن شبث بن ربعي الرياحي (ت. هـ180-م796) من بني رياح بن يربوع بن حنظلة. وكان قد ارتحل الى خراسان، واستوطن آخر عمره سجستان، وقد أدرك الدولتين : الأموية والعباسية. كما كان مغرما بالشراب، مستهترا به، فخصّص كلّ شعره لوصف الخمر ولمجالس الشراب. وكان أوّل من جعل من الخمريّة نوعا شعريا مستقِلّاً. وأهمل إنتاجه الشعري فلم يهتمّ أصلاً بتدوينه ممّا أدّى من دون شك إلى ضياع معظم خمريّاته.
(13) ديوان أبي نواس، تحقيق احمد عبد المجيد الغزالي، دار الكتاب العربي، بيروت، ص. 700.
(14) راجع مقال "النوريّة" المذكور أعلاه.
(15) البستاني:" ابن الرومي، حياته وشعره"، بيروت، 1967، ص. 335 .
(16) أبو الحسن علي بن عباس بن جريح مولى عبد الله بن عيسى بن جعفر البغدادي. كانت أُمّه من أصل فارسي وأبوه مسيحي مما لقبه 'ابن الرومي'. ولد ونشأ ببغداد، ومات فيها مسموماً. قيل : "دسّ له السمَّ القاسم بن عبيد الله -وزير المعتضد- وكان ابن الرومي قد هجاه".
قال المرزباني: "لا أعلم أنه مدح أحداً من رئيس أو مرؤوس إلا وعاد إليه فهجاه، ولذلك (...) تحاماه الرؤساء وكان سبباً لوفاته. ـ.
(17) حنّا الفخوري، "الجامع في تاريخ الأدب العربي"، بيروت، 1986، ص. 770.
(18) توفّي نحو 334/945.
(19) "ديوان الصنوبري"، تحقيق إحسان عبّاس، بيروت، 1970.
(20) "الحجازي، شاعر الطبيعة"، مجلة طهران، La revue de Téhéran، أفريل 2007 .

Aucun commentaire: